الطهارة والنجاسة
مقدمة
يحرص المسلم باستمرار على طهارة جسده وملابسه وحاجياته من النجاسات التي تعلق بها فتنجسها، ولا تزول إلاّ بتطهيرها منها. ويشكّل العيش في بلدان غير إسلامية همّاً لبعض المسلمين لصعوبة توقي النجاسات، وهم يمارسون مع سكانها من غير المسلمين أنماط حياتهم المختلفة في المطعم، والمقهى، وعند الحلاق، وفي محلات غسيل الملابس، وأثناء السير في الطرقات المبلولة، وفي دورات المياه، وداخل المرافق العامة، وغيرها.
لذا يحسن بي أن أوضح للقراء الكرام الأحكام الشرعية التالية الخاصة بالطهارة والنجاسة.
كل شيء لك طاهرحتى تعلم بنجاسته
ينصُّ الحكم الشرعي مارُّ الذكر «كل شيء لك طاهر حتى تعلم بنجاسته» على طهارة الأشياء كلها، حتى تتأكد من أنها قد تنجست فعلاً، وما دمت غير متأكد من أنها قد تنجست فعلاً فهي طاهرة، وتستطيع ترتيب آثار الطهارة كلها عليها دون توقف أو تردد.
طهارة الكتابيين من يهود ومسيحيين ومجوس
أهل الكتاب من يهود ومسيحيين ومجوس طاهرون، ما دمت لا تعلم بنجساتهم، وتستطيع أن تعمل بهذه القاعدة في معاشرتك لهم واحتكاكك بهم.
لا تنقل النجاسة إلاّ مع وجود البلل
تنتقل النجاسة بوجود البلل الموجب لسراية الرطوبة، ولا تنتقل في حالة الجفاف، ولا النداوة غير المسرية، فلو وضعت يدك الجافّة على جسم جافًّ نجس، لا تتنجس يدك.
الحكم بطهارة كل إنسان لا يُعرف دينه
تستطيع أن تحكم بطهارة كل شخص تلاقيه فتصافحه، حتى مع وجود البلل، ما دمت لا تعرف معتقده ودينه، فتحتمل أن يكون مسلماً أو كتابياً. كما أنه لا يجب عليك أن تسأله لتتأكد من دينه ومعتقده، حتى لو كان سؤالك إياه لا يضايقك ولا يضايقه.
السوائل كلها طاهرة ما دامت نجاستها غير معلومة
السوائل الساقطة على الجسم والملابس من ماء وغيره من السوائل الأخرى، تعتبر طاهرة، ما دمت لا تعلم بنجاستها.
طهارة الكحول والعطور والأدوية المشتملة عليه
الكحول بجميع أنواعه، سواء المتخذ من الأخشاب أم من غيرها، طاهر غير نجس، فالأدوية والعطور والمأكولات المحتوية على الكحول طاهرة، وتستطيع استعمالها، ويجوز تناولها أيضاً إذا كانت نسبة الكحول ضئيلة جداً كـ 2%.
طهارة الحاجيات المستعملة ما دامت نجاستها غير معلومة
الحاجيات المستعملة مهما كان مستعملها السابق، يجوز إعادة استعمالها ثانية، من دون حاجة الى تطهيرها، ما دمت لا تعلم ولا تجزم بنجاستها سابقاً.
كيف يطهَّر الثوب أو الفراش أو السجاد المتنجس
يمكن تطهير الفراش أو السجاد أو أمثالهما، إذا تنجست بشتى أنواع النجاسات التي ليس لها جرم ـ فلا تخلّف أثراً على الفراش أو السجاد ـ وذلك بصبّ الماء القليل عليها من إبريق أو كأس أو نحوهما مرة واحدة، حتى إذا استولى الماء الطاهر على المكان المتنجس، سحب الماء فأخرج بالعصر أو بالضغط أو بالماكنة الكهربائية أو بالدلك أو بقطعة قماش أو بغير ذلك، فيطهر الفراش أو السجاد وأشباههما، ويحكم على الماء المسحوب منها بالنجاسة على الأحوط وجوباً، وهذا الحكم يجري تماماً في الثوب إذا تنجس بغير البول، وأما إذا تنجس بالبول فسيأتي حكمه، كما أنّ لبول الرضيع والرضيعة حكم خاص سيأتي. أما إذا أريد تطهير الحالة السابقة بماء الحنفية المتصل بالكرّ فلا حاجة الى سحب الماء أو اخراجه بالعصر أو بالضغط أو بالماكنة الكهربائية وأمثال ذلك، بل يطهر بمجرد استيلاء ماء الكرّ عليها. يمكن تطهير الثوب أو الفراش أو الكاربت وأمثالها المتنجسة بشتى أنواع النجاسات، التي لها جرم يخلّف أثراً عليها كالدم والمني، حسب الطريقة السابقة في الفقرة التاسعة والثلاثين المتقدمة، بشرط زوال جرم النجاسة، إما بنفس الغسل وإما بسبب آخر قبله، وتختلف عنها في أنه إذا غسل بالماء القليل فإنّ ماء الغسلة التي تزيل عين النجاسة نجس، حسب الفتوى لا الإحتياط الوجوبي. يمكن تطهير الفراش أو الملابس أو السجاد وأمثالها المتنجسة ببول الرضيع أو الرضيعة ما دام صغيراً لم يغذَّ بغير الحليب إلا نادراً، وذلك بصبِّ الماء عليها ـ حتى القليل منه قضلاً عن الكثير ـ مرة واحدة بمقدار ما يحيط بمكان البول، من دون حاجة على إخراج الماء بعصر أو ضغط أو سحب وأمثال ذلك. يمكن تطهير الثوب المتنجس بالبول، وذلك بصبّ الماء القليل عليه من إبريق أو كأس أو نحوهما، حتى إذا استولى الماء على المكان المتنجس أخرج الماء بعصر ونحوه، ثم تعاد العملية مرة ثانية فيطهر.
ويحكم على الماء المسحوب بالمرتين السابقتين بالنجاسة على الأحوط وجوباً إذا لم يكن فيها عين البول، فإن كان فيها البول فماء الغسلة الأولى نجس حسب الفتوى.
أما إذا أريد تطهيره بماء الحنفية المتصل بالكرّ فلا بدّ من غسله مرتين كذلك، ولكن من دون حاجة الى إخراج الماء منه بعصر ونحوه، وكذا يجب الغسل مرتين لتطهير البدن إذا تنجس بالبول وإن غسل بماء الكر.
كيف تطهَّر اليد والملابس والأواني المتنجسة بالخمر
تطهر اليد والملابس المتنجسة بالخمر، بغسلها بالماء مرة واحدة، والملابس تحتاج بعد الغسل الى عصر إذا طُهّرت بالماء القليل. تطهر الأواني والكؤوس المتنجسة بالخمر وغيره، وذلك بغسلها بالماء القليل ثلاث مرات، وإذا غسل بماء الحنفية المتصل بالكر فالأحوط وجوباً غسلها ثلاث مرات أيضاً.
تطهير اليد والملابس والأواني المتنجسة بلطعة كلب
تطهر اليد والملابس المتنجسة بلطعة الكلب، بغسلها بالماء مرة واحدة، والملابس تحتاج الى عصر إذا طهرت بالماء القليل. تطهر الأواني والكؤوس المتنجسة بلطعة الكلب أو شربه منها، وذلك بغسلها ثلاث مرات: أولاهن بالتراب وغسلتان بعدها بالماء.
هل تُطهّر الأرض إطارات السيارات أسوة بالحذاء؟
سؤال : من المطهرات الأرض، فهل تطهّر الأرض إطارات السيارات المتحركة عليها أسوة بالحذاء؟
جواب : لا تطهرها.
متى تنقطع سلسلة المتنجسات؟
سؤال : متى تنقطع سلسلة المتنجسات إذا كانت غير سائلة؟
جواب : المتنجس الأول ينجّس ملاقيه، وكذا المتنجس الثاني، وأما الثالث فلا ينجس ملاقيه من غير فرق بين السوائل وغيرها.
هل السيخ من أصحاب الديانات السابقة؟
سؤال : هل أن (السيخ) من أصحاب الديانات السماوية السابقة كاليهود والمسيحيين؟
جواب : لا يُعدّون من أهل الكتاب.
هل يُعدّ البوذي من الكتابيين؟
سؤال : هل يعدُّ البوذي من الكتابيين؟
جواب : ليس هو منهم.
هل نحكم بطهارة محتويات البيت المستأجر مهما كانت ديانة الساكن السابق؟
سؤال : يستأجر المسلم في الغرب بيتاً مؤثّثاً مفروشاً، فهل يستطيع اعتبار كل شيء فيه طاهراً إذا لم يجد أثراً للنجاسة عليه، ولو كان الذي يسكن البيت قبله كتابياً: مسيحياً كان أو يهودياً، وماذا لو كان بوذياً أو منكراً لوجود الله تعالى ورسله وأنبيائه؟
جواب : نعم يستطيع أن يبني على طهارة كل شيء يوجد في البيت ما لم يعلم أو يطمئن بتنجسه، والظن بالتنجس لا عبرة به.
سؤال : أكثر البيوت التي تؤجر في الغرب يغطي أرضيتها فراش سميك يسمى (كاربت) أو (موكيت) يلتصق بالأرض بحيث يصعب رفعه ووضع إناء تحته، فكيف يتم تطهير (الكاربت) هذا إذا تنجس بالبول مثلاً أو بالدم، وكان الماء المستعمل في التطهير قليلاً أو كثيراً على كلا الإحتمالين؟
جواب : إذا أمكن فصل الغسالة عنه ولو بقطعة قماش أو آلة، أمكن تطهيره بالقليل الذي يعتبر فيه انفصال الغسالة، وإن لم يمكن ذلك، تعيّن التطهير بالكثير.
لوشككنا بتطهيرالغسالة للثوب لشكنا في كيفية عملها، فما العمل؟
سؤال : في الغرب تنتشر الغسالات العامة التي يغسل فيها المسلم وغيره ثيابهم النجسة والطاهرة على السواء، فهل يحق لنا الصلاة بملابسنا المغسولة بها، ونحن لا ندري هل أن الغسّالة المتصلة بالكر في بعض مراحل الغسل، تطهر الملابس أثناء تنظيفها، أولا؟
جواب : لا بأس بالصلاة في الملابس الطاهرة قبل الغسل ما لم يتيقن بتنجسها، ومثلها الثياب المتنجسة إذا حصل الإطمئنان بزوال عين النجاسة عنها ـ إن كان ـ ووصول الماء الطاهر المطلق الى جميع مواضعها المتنجسة مرتين إذا كان تنجسها بالبول ـ حتى لو كان الماء كراً على الأحوط وجوباً ـ ومرّة واحدة إذا كان تنجّسها بغيره وانفصال الماء بعصر ونحوه إذا كان قليلاً، وأما في فرض الشك في حصول التطهير على الوجه المعتبر شرعاً فيحكم ببقاء نجاستها فلا تصح الصلاة فيها.
هل نعتبر الملابس المغسولة في المحلات التي يملكها غير المسلمين ، طاهرة؟
سؤال : هل تعتبر طاهرة تلك الملابس المغسولة بالمواد المنظّفة السائلة في محلات صاحبها غير مسلم، يغسل فيها المسلمون وغيرهم ملابسهم؟
جواب : إن لم يعلم تنجس الملابس بملاقاة النجاسة فهي محكومة بالطهارة.
ما حكم الصابون المشتمل على شحوم الخنزير؟
سؤال : تكتب على بعض أنواع الصوابين، أنها مشتملة على شحوم مأخودة من لحم الخنزير أو لحوم حيوانات غير مذكاة، ولا ندري ما إذا استحالت الى شيء آخر أو لا، فهل نعتبرها طاهرة ؟
جواب : إذا أحرز اشتمالها على ذلك حُكم بنجاستها، إلاّ إذا تحقّقت استحالتها، ولم يثبت تحققها في صنع الصابون.
هل يجوز شراء فرشاة أسنان خيوطها من شعر الخنزير؟
سؤال : فرشاة أسنان خيوطها من شعر الخنزير، فهل يجوز شراؤها وبيعها واستعمالها ؟ وهل تنجس الفم إذا استخدمت ؟
جواب : يجوز شراؤها وبيعها واستعمالها، ولكن يتنجس الفم باستخدامها، ويطهر بإخراجها وإزالة بقايا المعجون.
هل الدم في صفار البيض أو بياضه طاهر؟
سؤال : هل الدم في صفار البيض، أو بياضه، ينجس البيضة، فلا يجوز لنا أكلها، وهل هناك حلُّ لذلك؟
جواب : الدم المتكوّن في البيضة طاهر، ولكنه حرام، فيمكن أكل البيضة بإخراج الدم إذا لم يكن قليلاً مستهلكاً.
هل الخمر والبيرة طاهران؟
سؤال : هل الخمر طاهر، وهل البيرة طاهرة ؟
جواب : لا إشكال في نجاسة الخمر، أما البيرة ـ الفقاع ـ فهي نجسة على الأحوط، وإن حرم شربها بلا إشكال.
هل نستطيع الحكم على طهارة البائع إذا لم نعرف مبدأه؟
سؤال : في أوربا تختلط الديانات والألوان والأجناس، فلو اشترينا من صاحب محل يبيع الطعام المبلول ويمسه بيده، ونحن لا نعرف دينه، فهل نعتبر هذا الطعام طاهراً ؟
جواب : إن لم يعلم بنجاسة يد الماسّ، فالطعام محكوم بالطهارة.
ما حكم الجلود المصنوعة في البلدان غير الإسلامية؟
سؤال : جلد مصنوع بأحدى الدول الأوربية لا نعرف مصدره، ويقال هنا أن بعض الدول الأوربية تستورد الجلود الرخيصة من بلدان إسلامية وتصنعها، فهل نستطيع أن نعتبرها طاهرة ؟ وهل يحل لنا الصلاة بها ؟ وهل يعتنى باحتمال ضعيف كهذا ؟
جواب : إذا كان احتمال كونها مأخوذة من المذكى موهوماً لا يعتني به العقلاء كاحتمال 2% فهي محكومة بالنجاسة، ولا يجوز لبسها في الصلاة. وأما في غير هذه الصورة فيبنى على طهارتها وتجوز الصلاة فيها.