الشهيد السيد محمد باقر الصدر (قدس سره)
(1353 هـ 1400 هـ)
ولادته ونشأته:
ولد السيد محمد باقر الصدر في الخامس والعشرين من شهر ذي القعدة 1353هـ بمدينة الكاظمية المقدسة وكان والده السيد حيدر الصدر ذا منزلة عظيمة، وقد حمل لواء التحقيق والتدخين والفقه والاصول وكان عابدا زاهدا عالما، عاملا ومن علماء الاسلام البارزين، وكان جده لابيه وصد السيد اسماعيل الصدر ـ زعيما للطائفية ومربيا للفقهاء وفخرا للشيعة وزاهدا وورعا ومتضلعا بالفقه والاصول واحد المراجع العظام للشيعة في العراق اما والدته فهي الصالحة التقية بنت الشيخ عبد الحسين آل ياسين، وهو من اعاظم علماء الشيعة ومفاخرها وبعد وفاة والده تربى السيد الصدر في كشف والدته واخيه الأكبر ومنذ اوائل حياة كانت علائم النبوغ والذكاء بادية عليه من خلال حركاته وسكناته .
دراسته واساتذته تعلم القراءة والكتابة وتلقى جانبا من الدراسة في مدارس منتدى النشر الابتدائية بمدينة الكاظمية المقدسة وهو صغير السن، وكان موضع اعجاب الاساتذة والطلاب لشدة ذكائه ونبوغه المبكر ولهذا درس اكثر كتب السطوح العالية دون استاذ مبدأ بدراسة كتاب (المنطق) وهو في سن الحادية عشرة من عمره وفي نفس الفترة كتب رسالة في المنطق، وكانت له بعض الاشكالات المنطقية.
سافر (قدس سره الشرف) من مدينة الكاظمية الى مدينة النجف الاشرف سنة (1365هـ) لاكمال دراسته فتتلمذ عند شخصيتين بارزتين من اصل العلم والفضيلة وهما الشيخ محمد رضا آل ياسين والسيد ابو القاسم الخوئي فانهى دراسته الفقهية عام (1379هـ والاصولية عام 1378هـ) عند السيد الخوئي وبالرغم من ان مدة دراسة السيد الصدر منذ الصبا وحتى اكمالها لم تتجاوز (17 و 18) عاما الا انها من حيث نوعية الدراسة تعد فترة طويلة جدا، لان السيد كان خلال فترة اشتغاله بالدراسة منصرفا بكله لتحصيل العلم، فكان منذ استيقاظه من النوم مبكرا والى حين ساعة متأخرة ليلا يتابع البحث والتفكير حتى عند قيامه وجلوسه ومشيه.
تدريسه:
بدأ السيد الصدر في القاء دروسه ولم يتجاوز عمره خمس وعشرون عاما، فقد بدأ بتدريس الدور الأول في علم الاصول في الثاني عشر من جمادي الآخر (1379هـ) وانهاها في الثاني عشر من ربيع الأول (1391هـ) وشرع بتدريس الدورة الثانية في العشرين من رجب المرجب من نفس السنة كما بدأ بتدريس البحث الخارج في الفقه على نهج العروة الوثقى سنة (1381هـ).
وخلال هذه المدة استطاع ان يربي طلابا امتازوا عن الآخرين من حيث العلم والأخلاق والثقافة العامة لأن تربيته لهم ليست منحصرة في الفقه والأصول بل انه كان يلقي عليهم في أيام العطل والمناسبات الاخرى محاضراته في الاخلاق وتحليل التأريخ والفلسفة والتفسير ولهذا اصبح طلابه معجبين بعلمه، واخلاقه، وكماله، الى مستوى منقطع النظير، ولهذا حيثما يجلس السيد بين طلابه يسود جو مليء الصفاء والمعنوية ومن تلامذته:
1ـ السيد كاظم الحائري.
2ـ السيد محمد باقر الحكيم.
3ـ السيد محمد الصدر.
4ـ الشيخ عبد الهادي الفضلي.
5ـ السيد عبد الكريم القزويني.
صفاته واخلاقه:
1ـ حبه وعاطفته: ان من سمات شخصيته تلك العاطفة الحارة والاحاسيس الصادقة والشعور الابوي تجاه كل ابناء الأمة فتراه تارة يلتقيك بوجه طليق تعلوه ابتسامه لتشعرك بحب كبير وحنان عظيم حتى بحسب الزائر ان السيد لا يحب غيره، وان تحدث معه اصغى إليه باهتمام كبير ورعاية كاملة وكان سماحته يقول: اذا كنا لا نسمع الناس بأموالنا فلماذا لا نسعهم باخلاقنا وقلوبنا وعواطفنا.
2ـ صبره وتسامحه: كان السيد الشهيد الصدر اسوة في الصبر والتحمل والعفو عند المقدرة فقد كان يتلقى بوجه إليه بصبر تنوء منه الجيال وكان يصفح عمن اساء إليه
3ـ نبوغه: كانت علامات النبوغ بادئة على وجهه منذ طفولته وعلى سبيل المثال نذكر هذه القصة كان السيد بدري عند الشيخ محمد رضا آل ياسين وحينما وصل الاستاذ في بحثه الى مسألة ان الحيوان هل يتنجس بعين النجس، ويطهر بزوال العين او لا يتجنس بعين النجس؟
فذكر الشيخ آل ياسين ان الشيخ الاصنريا ذكر في كتاب الطهارة انه توجد ثمرة في الفرق بين القولين تظهر بالتأمل.
ثم اضاف الشيخ ان استاذنا السيد اسماعيل الصدر حينما انتهى بحثه الى هذه المسالة طلب من تلاميذه ان يبينوا ثمرة الفرق بين القولين، ونحن بيننا له ثمرة في ذلك وان اطلب منكم ان تأتوا غدا بعد التفكير والتأمل وفي اليوم التالي حضر السيد الصدر قبل الآخرين عند استاذه: وقال له إني جئت بثمرة الفرق بين القولين فتعجب الشيخ آل ياسين منه كثيرا لانه لم يكن يتصور ان حضور تلميذه الى المدرس حضورا اكتسابيا وانما هو حضور نفسي.
تبين السيد الصدر ثمرة الفرق بين القولين، وبينما انتهى من بيانه دهش الاستاذ من حدة ذكاء تلميذه ونبوغه وقال له: اعد بيان الثمرة حينما يحضر بقية الطلاب وحينما حضر الطلاب سألهم الشيخ هل جئتم بثمرة؟ فسكت الجميع ولم يتكلم احد منهم فقال الاستاذ ان السيد محمد باقر قد اتى بها وهي غير تلك التي بيناها لاستاذنا السيد اسماعيل الصدر.
ثم بين السيد الصدر ما تول إليه من ثمرة الفرق بين القولين وقد نفذ السيد بنبوغه هذا صميم القلوب بصفته شخصية علمية وفكرية بارزه وحاز على اعتراف فضلاء وعلماء الحوزة العلمية.
اهداف سعى الشهيد الصدر لتحقيقها:
كان يتصد ان قيادة العمل الاسلامي يجب ان تكون للمرجعية الواعية العارفة بالظروف والاوضاع المتحمسة لهموم الأمة وآمالها وطموحاتها والاشراف على ما يعطيه العاملون في سبيل الاسلام في مختلف انحاء العالم الاسلامي من مفاهيم وهذا ما اسماه السيد الشهيد بمشروع المرجعية الصالحة.
شهادته
بعد ان امضى السيد الشهيد (قدس سره) عشرة اشهر في الاقامة الجبرية تم اعتقاله في التاسع عشر من جمادي الأولى 1400 هـ وبعد ثلاث ايام من الاعتقال الأخير استشهد السيد الصدر (قدس سره) بنحو فجيع مع اخته العلوية الطاهرة بنت الهدى.